رسوم أمريكا المتبادلة- تهديد للاقتصاد العالمي وتقويض للتجارة العادلة

المؤلف: تساو شياو لين09.09.2025
رسوم أمريكا المتبادلة- تهديد للاقتصاد العالمي وتقويض للتجارة العادلة

في الثاني من أبريل/نيسان، أعلنت الولايات المتحدة عن فرض ما يسمى بـ "الرسوم الجمركية المتبادلة" على كافة شركائها التجاريين، وشمل هذا القرار فرض رسوم إضافية باهظة بنسبة 34% على البضائع الصينية، بالإضافة إلى فرض رسوم تتراوح بين 10% و39% على واردات من دول عربية كقطر والسعودية والأردن والعراق وغيرها.

أثار هذا الإجراء سخطًا واستياءً واسع النطاق على الصعيد العالمي، وحتى داخل الولايات المتحدة نفسها. فمن المشكوك فيه أن تساهم هذه "الرسوم الجمركية المتبادلة" المزعومة في تحقيق الهدف المعلن وهو "التوازن التجاري"، بل على العكس من ذلك، من المتوقع أن تفضي إلى تباطؤ حاد في الاقتصاد الأمريكي، وربما تدفع الاقتصاد العالمي برمته نحو الركود.

إن "الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة تشكل تهديدًا للنظام الاقتصادي والتجاري الدولي القائم. وتزعم الإدارة الأمريكية بأنها تتكبد خسائر فادحة في التجارة الدولية، وتتذرع بمبدأ "التبادل" لفرض المزيد من الرسوم الجمركية الباهظة.

يتجاهل هذا التصرف بشكل سافر نتائج المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف التي استغرقت سنوات طويلة، والتي أسفرت عن توازن دقيق للمصالح، كما يتعامى عن حقيقة أن الولايات المتحدة قد استفادت بشكل كبير من التجارة الدولية على المدى الطويل.

واستنادًا إلى تقييم أحادي الجانب، اتخذت الولايات المتحدة قرارًا بفرض هذه "الرسوم الجمركية المتبادلة"، وهو ما يمثل انتهاكًا صارخًا لقواعد منظمة التجارة العالمية، ويضر بالمصالح المشروعة للأطراف المعنية، ويقوض النظام التجاري المتعدد الأطراف القائم على القواعد بشكل خطير.

ستؤدي "الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة إلى زعزعة الاستقرار الاقتصادي العالمي. وتشير التقديرات الأولية الصادرة عن منظمة التجارة العالمية إلى أن الإجراءات الجمركية التي اتخذتها الولايات المتحدة منذ بداية هذا العام قد تتسبب في انكماش حجم التجارة العالمية في السلع بنحو 1% بحلول عام 2025، أي بانخفاض يقارب 4 نقاط مئوية عن التوقعات السابقة.

كما أن هذه "الرسوم الجمركية المتبادلة" ستزعزع استقرار سلاسل الصناعة والإمداد العالمية، وتقوض آفاق التنمية للعولمة الاقتصادية، وتوجه ضربة قاصمة لدورة الاقتصاد العالمي، بل وقد تؤدي إلى اندلاع أزمة مالية واقتصادية عالمية شاملة.

في نهاية المطاف، ستلحق "الرسوم الجمركية المتبادلة" التي تفرضها الولايات المتحدة الضرر بها هي نفسها. وقد أعرب كل من الاتحاد الأوروبي وكندا وغيرها من الاقتصادات الكبرى عن استعدادهم لاتخاذ تدابير مضادة ضد الولايات المتحدة.

ووفقًا لتقديرات مختبر الميزانية بجامعة ييل الأمريكية، فإنه إذا اتخذت الدول الأخرى إجراءات انتقامية مماثلة، فسوف يرتفع الإنفاق الاستهلاكي الفردي في الولايات المتحدة بنسبة 2.1%، وسينخفض معدل نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 1%.

وفي الوقت الراهن، يشهد مؤشر ثقة المستهلكين الأمريكيين انخفاضًا مستمرًا، ومن المؤكد أن "الرسوم الجمركية المتبادلة" ستؤدي إلى ارتفاع تكلفة السلع المنزلية بشكل ملحوظ، مما سيزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الأسر الأمريكية، كما سترفع تكاليف التصنيع، وتقوض القدرة التنافسية للشركات الأمريكية، وقد تدفع الاقتصاد الأمريكي في نهاية المطاف نحو الركود.

لا يوجد منتصر في الحروب التجارية، ولا يمكن للحمائية أن تحقق أي مكاسب. إن لجوء الإدارة الأمريكية إلى فرض الرسوم الجمركية تحت ستار "التبادل" هو ممارسة أحادية الجانب تنطوي على قدر كبير من التسلط، وتضر بالآخرين وبمصالح الولايات المتحدة نفسها. ويعرب الجانب الصيني عن معارضته الشديدة لهذه الممارسات، وسيتخذ كافة الإجراءات الضرورية لحماية مصالحه المشروعة بكل حزم.

إننا نحث الإدارة الأمريكية على تصحيح مسارها الخاطئ، والدخول في مفاوضات جادة مع مختلف دول العالم، بما في ذلك الصين، من أجل تسوية الخلافات التجارية القائمة على أساس المساواة والاحترام المتبادل والمنفعة المشتركة.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة